الخميس، 15 نوفمبر 2012

معلومات حول شيخ العارف با لله

بسم الله الرحمان الرحيم : وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الحمد لله الوهاب المنان الذي أقام في كل زمان ومكان من يقوم بدلالة الخلق على الملك المعبود الحق يجتبي إليه من يشاء إلى حضرته بواسطة أهل قربه ومحبته، وذلك بسابق عنايته، وأفضل الصلاة والسلام على أشرف المخلوقين المبعوث رحمة للعالمين وخاتم الأنبياء والمرسلين وحبيب رب العالمين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله الطاهرين وصحابته الأكرمين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

يقول العبد الفقير إلى مولاه القدير البلغيثي عبد الكبير كان الله له في الدارين، آمين، لقد أذن لي والدي الشيخ مولاي هاشم البلغيثي حفظه الله وبارك في عمره، أن أكتب ترجمة لشيخنا العارف الكامل والفرد الواصل سيدي محمد بن الحبيب رضي الله عنه الشيخ المؤسس لطريقتنا العلية الحبيبة الدرقاوية الشاذلية. فامتثلت أمره واستعنت بالله تعالى، فهيأ لي بمنه الأسباب حتى تيسر لي جمع وكتابة هذه الترجمة المباركة فجزى الله عنا شيخنا قدس الله سره الذي كان سببا في ظهور هذه النفحة الربانية وسميتها [إتحاف اللبيب بترجمة الشيخ سيدي محمد بن الحبيب] جعلها الله تعالى خالصة لوجهه الكريم. آمين.

هو العارف بالله تعالى والدال عليه بإذنه إمام العارفين وقدوة السالكين حامل لواء الطريقة الجامع بين الشريعة والحقيقة، الغوث الواصل والشيخ الكامل مولانا أبو عبد الله سيدي محمد بن الحبيب الأمغاري الإدريسي، الحسني نسبا المالكي مذهبا، الشاذلي طريقة وانتسابا، المحمدي فيضا ومشربا، كان رضي الله عنه من أجل العلماء العاملين وأكابر المشايخ الراسخين. وأحد الأئمة المحققين، ذو إشارات عالية وهمة سامية شمس وقته في سماء الولاية والعرفان، حظي بالقبول والتعظيم في نفوس الأنام حتى شهد له بذلك الخاص والعام.

ولد رضي الله عنه بفاس عام 1290 هـ تقريبا وأصل سلفه من مراكش وينتسب لمولاي عبد الله أمغار دفين تمصلوحت فهاجر والده إلى فاس واستقر بها وكان من أهل الفلاح والصلاح فنشأ شيخنا على أخلاق مرضية وشيم عالية ولما بلغ سن التمييز دفعه والده إلى الكتاب القرآني بحومة الشرابليين فحفظ القرآن الكريم في مدة وجيزة على يد الفقيه سيدي ابن الهاشمي الصنهاجي، كما استظهره أيضا على يد الفقيه الصالح سيدي أحمد الفيلالي بكتاب قصبة النوار، وحدث أن زار الكتاب المذكور أحد أولياء الله تعالى فخاطب الفقيه مشيرا إلى التلاميذ ناظرا إليهم بعين الفراسة وقال : هذا سيكون جزارا وهذا خياطا وهذا كذا وهذا كذا يكاشف كل تلميذ بما سيؤول إليه في المستقبل إلى أن أشار إلى شيخنا فقال: [هذا سيكون عالما عاملا ورعا ذاكرا شيخا مربيا].

ولقد كان رضي الله عنه محبا في العلماء العاملين وأولياء الله تعالى الصالحين منذ صغره وممن انتفع شيخنا بنظرته ودعائه الشيخ العارف بالله تعالى سيدي محمد الغياتي، وسبب ملاقاته به أن شريفا علويا يقال له مولاي علي كان يؤذن بقصبة النوار، وكان يحب شيخنا في الله تعالى فألح عليه في زيارته فساعده على ذلك فلما وصلا إلى باب داره دق الباب دقا خفيفا فخرج سيدي محمد الغياتي بنفسه وفتح الباب وأذن لمولاي علي في الدخول وحده، ثم أخبره الشريف المذكور بحال شيخنا وأنه قدم لزيارته محبة في الله تعالى فأذن له في الدخول فدخل وسلم عليه وقبل يده فصار ينظر إليه والشيخ يطرق ببصره حياء وهيبة من جلالته ثم سأل شيخنا عن علمه فأجابه : [إني كنت مشتغلا بقراءة القرآن والآن والحمد لله حفظته وأنا مستعد لقراءة العلم] فدعا له بخير وأذن له في ذكر الحسبلة وكان هذا العارف بالله من المنقطعين في بيوتهم.

التحق رضي الله عنه بجامع القرويين بعد انتهائه من الكتاب، وصار يغترف من بحور العلم ويروي ظمأه فحفظ المتون من سائر الفنون، ولازم شيوخه الأجلة المشار إليهم أنذاك بالتدقيق والتحقيق، فأخذ عن شيخ الجماعة سيدي أحمد بن الجيلالي، وسيدي أحمد بن الخياط، وسيدي محمد بن جعفر الكتاني، وسيدي محمد الإيراري، ونقيب الأشراف الأدارسة ولي الله تعالى سيدي عبد الله البدراوي الذي كان شديد الاهتمام بشيخنا كثير السؤال عنه ويقول لعمه سيدي الصديق، دائما كن من ولد ابن أخيك سيدي محمد بن الحبيب على بال فإنه سيكون له شأن عظيم، فما كان من سيدي الصديق إلا أن أمر شيخنا بزيارته فلما وقع بصر سيدي عبد الله البدراوي على شيخنا صار يرحب به المرة بعد المرة وأجلسه بقربه فقبل شيخنا يده ثم أخذ سيدي عبد الله يسأله عن الدروس التي كان يقرؤها في القرويين فأخبره بذلك ففرح غاية الفرح، ودعا له بخير وأمره بملازمة حضور درسه الذي يلقيه صباحا فحصلت لشيخنا ملكة عظيمة في الحفظ ببركته. كما أخذ عن غيرهم من فطاحل العلماء وكان رضي الله عنه محبوبا من طرف جميع أساتذته لما رأوا فيه من النجابة وكمال الأدب والاستقامة، ولما أنهى دراسته بالقرويين أجازه كل مشايخه في سائر ما أخذ عنهم من العلوم والفنون.

ولقد تطوع رضي الله عنه بعد ذلك بإلقاء دروس علمية بجامع قصبة النوار خالصا لوجه الله تعالى، ثم انتقل إلى جامع القرويين فانتفع به خلق كثير وممن كان يحضر دروسه آنذاك الزعيم علال الفاسي، والنقيب سيدي محمد المختار السوسي، والفقيه سيدي محمد الغازي والقاضي سيدي محمد بن قدور، والفقيه العدول سيدي عبد القادر الصقلي والقاضي مولاي إدريس بن علي، والقاضي سيدي الصديق الفاسي، والفقيه بن عبد الله رئيس مدرسة المخفية وغيرهم ممن تخرجوا على يديه.

وكان رضي الله عنه شغوفا بمطالعة كتب السادة الصوفية رضي الله عنهم كإحياء علوم الدين والحكم العطائية والطبقات والوصايا وغيرها من المؤلفات، وكانت همته متعلقة بالله تعالى لا بغيره يطلب منه أن يجمعه على من يدله عليه قال رضي الله عنه: [لما أقبلت على قراءة العلم أعانني الله تعالى فحصلت في الزمن اليسير على قدر كبير من العلم، ثم في أوقات الاستراحة كنت أطالع كتب الوعظ المشتملة على ذكر الموت وأهواله. فصادف قلبا خاليا فتمكن خوف الموت من قلبي فصرت لا أنام من الليل إلا قليلا، وأقبلت إقبالا كليا على الاستعداد للموت، فكنت أصلي من الليل ثلاثة عشرة ركعة بخمسة أحزاب مع ترتيل وتدبر وبعد الفراغ أقبل على الذكر والدعاء والتضرع إلى قرب طلوع الفجر، فإذا طلع خرجت للمسجد في الغالب، وصليت الصبح وتارة أصلي مع أهلي وأشتغل بمطالعة نصابي]. وهكذا كانت أوقاته عامرة بذكر الله تعالى ومجاهدة نفسه راجيا من الله تعالى أن يمن عليه بمن يوصله إليه ويعرفه به سبحانه وتعالى. ثم ألهمه الله تعالى للبحث عن من يأخذ بيده من أرباب القلوب والمعرفة بالله في تهييء قلبه لمقام الإحسان المشتمل على مراقبة الله تعالى ومشاهدته المنصوص عليه في حديث جبريل عليه السلام الذي رواه البخاري ومسلم لما سأله عنه الإحسان، قال صلى الله عليه وسلم : [الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك]. ولاشك أن هذا المقام لا يصل المشتاق إلى ذوقه إلا بواسطة مرشد عارف بالله كما جرت عادة الله في كل علم إذ لا يحصل لطالبه إلا بواسطة مرشد عارف به. وكان أول من انتفع به شيخنا رضي الله عنه في بداية سلوكه الشيخ العارف بالله تعالى والفاني في محبة أولياء الله تعالى سيدي محمد الحلو رضي الله عنه، وكان أمين أهل حرفة الدباغة بفاس، وعن كيفية التقائه به، قال رضي الله عنه : [فصار العلم يثقل علي والعبادة والانقطاع إلى الله تعالى تخف علي وأنا أقول لنفسي المقصود من العلم هو العمل، والقدر الواجب علي حصلته فمالي وللفضول، فلا أكون مفتيا ولا قاضيا، وحصلت لي حيرة عظيمة واضطررت إلى الله تعالى فيمن يأخذ بيدي ويرشدني إلى طريق الصواب، فبينما أنا أثناء هذه الحيرة مررت في زقاق الحجر من مدينة فاس، فوقع بصري على هذا السيد في الطريق وعليه نور قد امتد فوق رأسه وارتفع ارتفاعا محسوسا إلى جهة السماء حتى ظننت أن الناس كلهم يرون ذلك النور، فتبعته فلم أجد أحدا كشف له عن ذلك النور فعلمت أن الله تعالى أطلعني على خصوصيته لينفعني به وحجبها عن الناس، فتعلق قلبي بالاجتماع عليه. وكان عمي سيدي الصديق أخا له في الله تعالى فذهبت إليه وأخبرته. بما اتفق لي معه مما أطلعني الله تعالى عليه من خصوصيته، فقال لي ذلك رجل مفتوح عليه وقد اجتمع برجال من أهل الخصوصية والفتح وخدمهم بالجد والصدق والنية والمحبة فحصل على نور عظيم وخير كبير، فطلبت منه أن يجمعني به لأخبره بحالي وما أنا فيه من الحيرة فساعدني وعين لي وقت الزوال من الغد نكون عنده في داره بحومة سيدي عبد القادر الفاسي، فما وصل الوقت المعين ذهبت فلم أجده، فقلت لعمي فأين هذا السيد؟ فقال لي لابد أن يأتي، فخرج عمي لاستقباله فوجده قد وصل إلى الباب فلما دخل قال لعمي : [يا سيدي الصديق الجلوس يكون في أسفل الدال أو في أعلاها فقال له هيأنا ذلك في أعلاها فقال له : والصعود إلى أعلى لا يكون إلا بسلم يرتقى فيه فمن أراد الصعود بدون سلم لا يحصل على مراده. وهذه أول إشارة سمعتها منه فعلمت أن ما أنا فيه لابد له من تدريج وسلوك على يد أهل الفتح والنور، فلما ارتقى ووصل إلى الغرفة التي كنت أنتظره فيها قمت بأدب عظيم وسلمت عليه فجلس قريبا مني وأقبل علي بحال وهمة كبيرة].

ومكث شيخنا رضي الله عنه في صحبة سيدي محمد الحلو مدة من الزمان، كان يجتمع به بعض الإخوان للذكر والمذاكرة في الله تعالى وكان يقول لهم تأملوا في هذه الآية : "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم". وداموا على ذلك إلى أن زار شيخنا من ناحية تافيلالت الشريف مولاي سعيد البلغيثي الذي كان من كبار العارفين بالله تعالى.

وجاءه برسالة من الشيخ سيدي العربي الهواري رضي الله عنه قال له : [اسمع مني هذه البشارة إني مرسل إليك من قبل شيخنا العارف بالله تعالى سيدي العربي الهواري، وقال لي : اذهب إلى فاس واسأل عن قصبة النوار فإذا وصلتها فاسأل عن سيدي محمد بن الحبيب وسلم مني عليه ولقنه وردنا الشريف بإذننا وبشره بأن طريقتنا سيؤول أمرها إليه وسيحييها الله تعالى على يديه]. ففرح شيخنا رضي الله عنه بهذه البشارة العظيمة، وأخذ الطريقة البدوية الدرقاوية عن الشريف مولاي سعيد البلغيثي الذي مكث مع شيخنا مدة سنة كاملة بفاس سردوا خلالها كتبا عديدة من كتب الصوفية منها قوت القلوب وعوارف المعارف والعهود المحمدية ومجهود المشايخ وغيرها.

وحل الشيخ سيدي ماء العينين بمدينة فاس واجتمع فيها بشيخنا وفرح به غاية الفرح وأذن له بجميع كتبه التي ألفها قال رضي الله عنه : [وحصلت لي منه نفحة عظيمة وأذنني بجميع الأحزاب والأسماء والأوراد بذكرها وإعطائها لمن طلبها، واجتمعت مع خليفته ووارث سره سيدي أحمد الشمس وحصلت لي معه رابطة قلبية حتى كان يلزمني بسرد الكتب وكنت أساعده على ذلك ما يقرب من عشر سنين حتى هاجر إلى المدينة المنورة وتوفي بها].

ولما تصدر الشيخ العارف بالله تعالى سيدي محمد بن علي رضي الله عنه، كتب له شيخنا رسالة يجدد فيها العهد معه فقال : [فكتب إلي رضي الله عنه وأمرني بالقدوم عليه فامثلت أمره وقدمت إلى مراكش فلما دخلت عليه رضي الله عنه دخل عليه من الفرح والسرور ما لا يدخل تحت حصر وقال لي جاءتني الطائفة كلها لما جئتني أنت وقال لي مرة أخرى في بشارة يطول ذكرها، أنت عندنا في طائفتنا بمنزلة ابن عطاء الله من الطائفة الشاذلية. فكما أن الله تعالى أحيا الطريقة الشاذلية بابن عطاء الله كذلك يحيي الله تعالى بك هذه الطائفة المباركة إن شاء الله تعالى] وأمر الشيخ سيدي محمد بن علي رضي الله عنه شيخنا بالمذاكرة مع الفقراء في الضروري من دينهم فكان يسرد المرشد المعين ثم يتبعه بسرد كتاب المناحات الكبرى لسيدي أحمد البدوي رضي الله عنه قال شيخنا : [وقد اشتمل هذا الكتاب على جميع ما يتوقف عليه الطالب لمقام الإحسان ومن جملة ما قال فيه مؤلفه رضي الله عنه كل واحد من أولياء الله تعالى دخل من الباب الذي فتحه الله تعالى له وأنا دخلت من باب التعظيم لمخلوقات الله تعالى ودليلي في هذا قوله تعالى : "ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له" فقام بقلبي تعظيم آل البيت فكنت لا أرى شريفا إلا قام قلبي بتعظيمه حتى كأني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وإذا رأيت عالما قام بقلبي تعظيمه فيغمرني نوره الذي اقتبسه من النبي صلى الله عليه وسلم وأعظم جميع المسلمين من حيث أنهم عبيد الله تعالى وأرى نفسي دون كل جليس من المسلمين حتى صرت أعظم العالم أجمع لكونه معلوم العلم الإلهي وأثر تخصيص إرادته وإبراز قدرته وإتقان حكمته سبحانه وتعالى].

وخرج شيخنا مع أستاذه وشيخه سيدي محمد بن علي رضي الله عنه في عدة سياحات وكانت آخرها ما حكاه عن نفسه فقال : [ثم إني مكثت في هذه السياحة ما يقرب من شهرين ولما وصلنا إلى قبيلة السراغنة فرحوا بالشيخ وبالإخوان فأمرني بالرجوع إلى فاس نائبا عنه في الدلالة على الله ولقنني الاسم المفرد وأمرني بالإكثار من ذكره بكيفية خاصة تلقاها من شيخه عن سيدي أحمد البدوي وهي استحضار قول ابن عطاء الله في حكمه [لولا ظهوره في المكونات ما وقع عليها وجود أبصار] ولاشك أن ما يظهر في الأكوان إلا ما تضمنه هذا الاسم من العلم بذات الله وصفاته وأسمائه وأفعاله التي ظهر فيها أثار أسمائه وصفاته وهي المعبر عنها بالمكونات، قال الشيخ أبو المواهب الشاذلي فما في الكون إلا ما سبق به العلم وخصصته الإرادة وأبرزته القدرة ورتبته الحكمة، وقال ابن عطاء الله في حكمة أخرى الكون كله ظلمة وإنما أناره ظهور الحق فيه فمن رأى الكون ولم يشهده فيه أو عنده أو قبله أو بعده فقد أعوزه وجود الأنوار، وحجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار. فأكثرت من ذكر هذا الاسم مع هذا الاستحضار فحصلت لي ببركته أنوار في قلبي وحصل لي نصيب من مراقبة الله ومشاهدته اللتين تضمنهما مقام الإحسان].

ثم اجتمع شيخنا بالشيخ العارف بالله تعالى سيدي عبد الرحمان بن صالح وكانا يتذاكران في تحقيق العبودية لله تعالى ومن جملة ما قال هذا الشيخ: [ إنما كان الفتح في المعنى يسرع إلى الفقراء الصادقين لتحققهم بأوصاف عبوديتهم وهي الجهل والعجز والضعف والفقر فمن تحقق بجهله أمده الله بالعلم النافع وهكذا بقية الصفات : (تحقق بوصفك يمدك بوصفه)].

قال شيخنا رضي الله عنه : [ومنذ أن توفي الشيخ سيدي محمد بن علي والإذن يتجدد علي وأنا أستحقر نفسي وأراها ليست أهلا لذلك المقام حتى أتاني المشايخ الأربعة وهم سيدي محمد بن علي وسيدي العربي الهواري وسيدي محمد العربي وسيدي أحمد البدوي رضي الله تعالى عنهم فأمروني بالبروز إلى الخلق ودلالتهم على الملك المعبود الحق وقالوا إن الماء الذي شربته منا هو أعذب المياه وأحلاها فمد يدك شرقا وغربا ولا تخف من أحد ثم بعد هذا وقع الإذن من المصطفى صلى الله عليه وسلم ووقع التهديد على البروز فبرزت للخلق بالله ولله وقلت كما قال ابن عطاء الله في حكمه [إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار فأرجعني إليها بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار حتى أرجع إليك منها كما دخلت عليك منها مصون السر عن النظر إليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها إنك على كل شيء قدير].

فأشرقت شمسه وطاب وقته وصار لواء الطريقة خفاقا بين يديه فأحيا به الله تعالى طريق القوم بعد اندرا سها وأظهر أنوارها وانتفع به العباد وقصد من سائر البلاد وبدت عليه المعارف والأسرار فأخذ يدعو إلى الله تعالى والتمسك بكتابه وسنة نبيه وترك البدع يسدي النصائح ويلقي المواعظ فتنقاد إليه القلوب التي سبقت لها العناية وكان النصر حليفه أينما حل وارتحل فدخل الناس في طريقته المباركة أفواجا واتبعوا نهجه القويم ولقد شهد العالم بظهور هذا العارف الرباني مجددا للدين فكان مظهره يذكرك بالله وكلامه يدلك على الله مجالسه مجالس العلم والسكينة والوقار دائما بين ذكر ومذاكرة فقام بمهمته أحسن قيام جاعلا نصب عينيه [لأن يهدي الله على يدك رجلا واحدا أفضل لك مما طلعت عليه الشمس]. لا تأخذه في الله لومة لائم، فكانت زاويته الأولى بمدينة فاس في درب قصبة النوار وهي مركز انطلاق دعوته المباركة ثم أخذ يجول في جميع مناطق المغرب ينشر مبادئ طريقته الميمونة التي هي في الحقيقة اتباع السنة وهجر البدعة قال رضي الله عنه [فوالله ثم والله ما مررنا على مدينة ولا قرية ولا بادية إلا وشهد أهلها بوصول المدد إليهم وسريان الحياة في قلوبهم وذلك سر الإذن وما جلس معنا والحمد لله فقير إلا وازداد علما لم يكن عنده وحصل منه خضوع وانكسار ولا جلس معنا مريد الطريقة إلا قويت قريحته وعلت همته لطلب معرفة الله ولا شيخ من مشايخ العصر إلا وازداد ذوقا إلى ذوقه واستفاد منا شيئا لم يكن عنده وذلك كله من سر الإذن وبركته].
كم نظرنا في سالك فترقى ۩ لمقام الذين خاضوا البحارا
وشفينا القلوب مما عراها ۩ بلطيـف العلوم ذوقا فطارا
وهممنا بالشيء سرا فكانا ۩ وأتانا الذي نحب اختيـارا
وسمعنا من حضرة الغيب سرا ۩ أنت محبوب عندنا كن شكورا
وقال شيخنا رضي الله تعالى عنه متحدثا بنعم الله تعالى عليه : [وقد قال لي صلى الله عليه وسلم في بشارة اعلم يا ولدي أن الله يكرمك بمياه عذبة حلوة. قلت: يا رسول الله هذه المياه هي مياه الإسلام والإيمان والإحسان؟ قال لي صلى الله عليه وسلم : هي. قلت يا رسول الله هذه المياه أشربها وحدي أو أنا وكل من اقتدى بي فقال تشربها أنت وكل من اقتدى بك من أمتي. وقد حقق الله لنا ما وعدنا به صلى الله عليه وسلم، فوالله لقد شربنا هذه المياه وكل من صحبنا بالصدق يشربها في أقرب زمن فاحمدوا الله سادتي الفقراء واشكروه على ما أكرمكم به مولاكم في وقتكم].
وقال أيضا : [وقد قال شيخ شيخنا سيدي محمد العربي رضي الله عنه: والله لا يأتيني إلا المقبول، وأنا أقول تحدثا بنعم الله، والله لا يأتيني إلا المحبوب].
وشد رضي الله عنه الرحال صوب الديار المقدسة من أجل أداء فريضة الحج فكانت إحدى نفحات الدهر وزار الروضة الشريفة فأنشد بلسان حاله :
نحن في روضة الرسول حضور ۩ طالبين الرضى وحسن قبول
جئنا يا خير مـن إليه الملاذ ۩ بانكسار وذلة وذهول
فاسأل الله فينا كل عناية ۩ لننال المنى في وقت الحلول
وبعد أدائه للمناسك سافر رضي الله عنه إلى الشام واجتمع مع علمائها، ومنهم الشيخ توفيق الأيوبي، وبدر الدين الدمشقي، ومر أيضا بالديار المصرية واتصل بالعديد من العلماء فيها مثل بخيث المطيعي، والشيخ السمالوطي وقد دارت بين هؤلاء السادة العلماء وشيخنا عدة مذاكرات وضمتهم مجالس علمية متعددة فوجدوه رضي الله عنه بحرا زاخرا من المواهب اللدنية تتنوع علومه ومعارفه، فأبهرهم حاله وأخذ بقلوبهم لما شاهدوه من علو أخلاقه ورسوخه في العلم وكمال ولايته لما سمعوه منه في أسرار الطريق وعلوم التحقيق، فطلبوا منه الإقامة عندهم إلا أنه اعتذر لهم وقفل راجعا إلى بلاده.
وبعد عودته ارتحل شيخنا رضي الله عنه من مدينة فاس واستقر بمدينة مكناس، وبنى بها زاويته الكبرى وعمرها، فكانت مقصد الذاكرين ومجمع العارفين وملجأ الطالبين من مريدي المعرفة بالله تعالى كمنار يستهدي به في ليل ظلمات الأهواء وكثرة الفرق والمذاهب الضالة.
ولقد باع ما ورثه عن أبيه حتى يتمكن من بناء الزاوية التي كانت تأوي عددا من طلبة العلم والفقراء المتجردين، وكان رضي الله عنه متكفلا لهم بالسكن والتغذية، كما كان يقصدها كل عابر سبيل ولم يكن رحمه الله يلزم أحدا من القاطنين لديه بأن ينخرط في طريقته أو يأخذ عليه الورد أو أذكارا معينة أو غير ذلك إلا الصلاة في أوقاتها مع الجماعة، وذات مرة تأخر أحد طلبة العلم عن صلاة الفجر وبعد الفراغ منها توجه الشيخ نحو غرفة الطالب ودق عليه الباب فلما خرج سلم عليه وقال له يا ولدي إني مستعد أن أبيع كسائي من أجلكم حتى تتمكنوا من الدراسة ولكني لا أسمح بالتهاون في الصلاة خصوصا لمثلكم كطالب علم. فكانت الزاوية مسجدا تؤدى فيه الفرائض، ومدرسة تلقى فيها مختلف الدروس العلمية وبيتا من بيوت الله يذكر فيها اسم الله بكرة وعشيا. وكان لها نظامها الخاص بها فتبدأ الحركة فيها وقت السحر حيث يقوم الفقراء للتهجد من ذكر، ودعاء حتى تحين صلاة الصبح فيؤذن أحد الفقراء وتردد بعد الآذان الجلالة بصيغة معينة ثم يتقدم الشيخ رضي الله عنه ليصلي بالناس إماما وبعد أداء الفريضة يقرأ الورد ثم يلقي الشيخ رضي الله عنه درسه الصباحي وبعده يقوم كل فقير ليتوجه إلى عمله فطالب العلم إلى علمه وصاحب الشغل إلى حرفته أو وظيفته.

وكان رضي الله عنه يعقد مجلسا للذكر والمذاكرة كل ليلة جمعة وعندما ينتهون من الذكر يأمر فقيرا حسن الصوت بقراءة ما تيسر من القرآن الكريم ثم يشرع في التفسير حسب الحاضرين وعلى قدر قابليتهم واستعدادهم حتى يأخذ كل واحد بنصيبه من معنى الآيات ويمتاز أسلوبه بتبسيط المعاني و إيضاحها حلو المنطق و تسمع في تفسيره ما لم تسمعه من قبل من حيث المعارف والأسرار إذ كان العلماء يعدونه بخاتمة المفسرين في عصره. وكما جرت العادة ففي كل سنة يقام الاحتفال السنوي الكبير بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف فيتقاطر الفقراء على الزاوية من جميع الجهات وحتى من خارج المغرب خصوصا فقراء الجزائر وإسبانيا وإنجلترا فتجتمع هذه الوفود من أجل إحياء هذه الذكرى الجليلة. فيشرف كبار الفقراء من مقدمين وغيرهم على تسيير شؤون هذا الاحتفال الكبير فيتحمل كل واحد منهم جانبا من المسؤولية حتى تمر الأمور في أحسن الظروف. فتستفتح ليلة المولد النبوي الشريف بقراءة القرآن الكريم ثم بعده إنشاد القصائد التي تتغنى بجمالية المناسبة فتسرد قصة المولد النبوي الشريف فيقوم الفقراء للعمارة وبعد الانتهاء منها يقرأ القرآن الكريم ثم يلقي الشيخ رضي الله عنه درسا يتناول فيه موضوع الآيات التي تليت ثم يختم بالدعاء فيتقدم الفقراء للسلام عليه وينتهي الاحتفال.
ومن أسس طريقته رضي الله عنه التي كان يدعو إليها، ويحث الفقراء على التمسك بها لزوم الشريعة المطهرة والسنة النبوية الشريفة وحين الظن بالله وبعباده والنظر بالتعظيم لسائر خلق الله والاجتماع على الله ومحبة الإخوان في الله تعالى والوفاء بالعهد والإكثار من ذكر الله تعالى خصوصا في الثلث الأخير من الليل وكان رضي الله عنه يقول في ذلك : [كثرة الذكر ينشأ عنها مقام المراقبة ثم المشاهدة فإذا استنار قلب العبد وأشرقت شمس معرفته رأى الكون كله نعما من الله عليه نعم الإيجاد ونعم الإمداد التي لا تعد ولا تحصى وصار يحب الله تعالى طبعا وعقلا وشرعا].

وكان رضي الله عنه يوصي المقدمين بالفقراء خيرا بأن يجتهدوا في نصحهم وإرشادهم والسؤال عن أحوالهم والتلطف معهم كما يوصي الفقراء بالمقدمين خيرا وذلك بتعظيمهم واحترامهم واتباع أوامرهم ويوصي الجميع بلزوم الجماعة.

ولقد وجد شيخنا رضي الله عنه مدينة مكناس فارغة من النهضة العلمية، ومدارسها مملوءة بعوام الناس الذين لا مسيس لهم بالعلم ولا بالدين فعزم على طلب معهد علمي من حضرة جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله واستشار بعض كبراء مكناس فأشاروا عليه بعدم الخوض في هذه المسألة فاستخار الله تعالى فيما عزم عليه ووفد إلى جلالة الملك رحمه الله وقال له : إنك جعلت معهدا دينيا وعلميا في مراكش ومكناس هي عاصمة جدك فيجب تقديمها على غيرها. فقال له جلالة الملك رحمه الله، إن فاس قريب منها فأجابه الشيخ رضي الله عنه بأن فاس وإن كان قريبا فالطالب الذي مكث فيه حتى حصل على الشهادة العالمية إذا رجع إلى مكناس ماذا يصنع، إما أن يسعى في خطة العدالة إذا وجد من يقف معه فيها. وإذا لم يجد سعى في سبب يوصله إلى ضرورياته فيضيع العلم الذي هاجر وطنه من أجله بخلاف ما إذا وجد طلبة متجردين لقرأة العلم فلا بد أن يشرع معهم متطوعا. ثم بعد ذلك يحصل التيسير في الوظيف الذي يناسب حالة العالم فكانت الإجابة بالقبول من جلالة الملك رحمه الله. وهكذا ساهم شيخنا رضي الله عنه في إحياء النهضة العلمية بالبلاد، ثم شرع في تدريس العلم بجامع الزيتونة بمكناس، وافتتح دروس التفسير الذي كان آية من آيات الله فيه وكان يحضر هذا الدرس عدد كبير من طلبة العلم والعلماء وغيرهم. ثم يتبعه بدرس من الرسالة، ويشرح لعامة الناس المرشد المعين وللفقراء الذين كانوا يحضرون دروسه الحكم العطائية. ولقد استفاد الكثير من الناس بهذه الدروس حتى تجد الفقير الأمي يفقه في أمور دينه كذاك الذي درس وتعلم حيث كان كلامه يرسخ في القلب ويؤثر فيه.

بحـر علـم ونـدى من أمه ۩ نـال عـرفانا ومعـروفا خصيب
هو في العرفان بحـر زاخر ۩ وهو في المعروف كالغيث الصبيب
شيخ علم وطـريق طهـرت ۩ بـرزخ البـحريـن لله منـيـب

ولقد قصد رضي الله عنه الديار المقدسة مرة أخرى ولسان حاله ينشد :
قـد شكرنا الإله في كل وقت ۩ حيـث من بـزورة للرسـول
وكذاك لكـل مـن في بقيـع ۩ من صحاب كذاك نسل البتـول
وكـذاك لكل من فـي أحـد ۩ من شهيد كـذاك عـم الرسـول

وبعد رجوع الشيخ رضي الله عنه من هذه الرحلة المباركة قام بعدة سياحات بالمغرب عموما وبالقطر الجزائري خصوصا من أجل الدعوة إلى الله تعالى. وأخذ يستغل جميع المناسبات التي يدعى إليها لتذكير الناس وإيقاظهم من غفلتهم فرجع الكثير على يديه إلى الطريق وتاب الجمع الوفير بسبب مواعظه المؤثرة بفضل الله تعالى وسلك العديد وانتسبوا إلى طريقته المباركة ممن شملتهم العناية الربانية، وواصل دعوته وجهاده ولم يدخر جهدا في ابتغاء وجه الله تعالى، ولما رجع إلى مكناس أخذت الوفد تتقاطر عليه من كل فج عميق لتغترف من فيضه فلا يغادرونه إلا وكل وافد يحمل بشارته وسعادته، وكم داوى أمراض القلوب وكم رفع لهم من حجب، وكم انتفع من سالك على يديه فلا يفارقه إلا وهو من أصحاب المعرفة بالله، وكان يفد إليه بعض مشايخ عصره فيذاكرهم ويشكر لهم حسن صنيعهم في إرشاد الأمة إلى الخير، وينتقد منهم كل من يسيء إلى صورة التصوف الحقيقي الذي هو عين مرتبة الإحسان، ويصفهم بالطوائف الضالة ويدعوهم للرجوع إلى الشريعة المطهرة والسنة النبوية الشريفة.

كان رضي الله عنه فريد عصره وأوانه حيث خصه المولى عز وجل بمنح ومواهب ربانية من باب العلم ومن باب المعرفة بالله تعالى وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ويشهد له بذلك قوله : [ولو أردنا بسط ما أنعم الله به علينا لاحتجنا إلى مجلدات]. وقال أيضا: [وأفردني بعلوم لم تكن إلا عند الفرد المحمدي الذي لا يكون في كل وقت منه إلا واحد وإن كثر المشايخ في عصره فالحكم لذلك الفرد عليهم شعروا بذلك أولم يشعروا].

يا من جمعت له معارف فرقـت ۩ وهل يرى جمعها في غير ناديكا
أحيا بك الله طرقا للهدى درست ۩ لكـن أزمتهـا طـوع أياديـكا

ومن منن الله تعالى أن أسلم على يد شيخنا رضي الله عنه عدد كبير من الأجانب خصوصا من إسبانبا وإنجلترا، وهكذا ساهم في نشر الدين الإسلامي بالدول الأجنبية، ووصلت طريقته اليوم إلى جميع أنحاء العالم، فأنشأت عدة زوايا لدراسة العلم وتلقي مبادىء التصوف والسلوك في كل مكان حلت فيه دعوته وأكثر زواياه منتشرة في المغرب خصوصا بالصحراء المغربية وبالقطر الجزائري، ولقد حقق الله تعالى فيه فراسة أشياخه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. وانتعشت الطريقة الدرقاوية الشاذلية بظهوره وكانت في أوجها في عهده وصحح المفاهيم الخاطئة المشاعة ضد التصوف من لدن أعدائه فأعطاهم المثال الحقيقي للصوفي السني الحق. وذلك بأفعاله قبل أقواله، وشوهد ذلك في كافة مريديه وتلامذته، لقد كان رضي الله عنه نفحة من نفحات الدهر في وقته ومنة من منن الله تعالى على عباده.

وفي عام 1391 هـ خرج الشيخ رضي الله عنه من بيته رفقة بعض مريديه قاصدا حج بيت الله الحرام للمرة الثالثة إلا أنه انتقل إلى جوار ربه بمدينة البليدة في الجزائر وذلك يوم الاثنين 23 من شهر ذي القعدة ودفن بزاوية كان قد دشنها قبل ذلك بأسبوع ثم نقل جثمانه الطاهر رضي الله عنه من قبره بعد عشرين يوما ليدفن بزاويته الكبرى بمكناس في متم يناير 1972م وذلك بطلب من أهله وعشيرته ومريديه وطبقا لوصيته، وقد حضر جنازته عدد كبير من الناس والعلماء والفقراء والأعيان وغيرهم. وبموت هذا الشيخ الهمام فقد الإسلام رجلا لا يعوض وفقدت الطريقة الصوفية قطبا من أقطابها.

حلف الزمان ليأتين بمثله ۩ حنثت يمينك يا زمان فكفر

كانت حياة شيخنا رضي الله عنه وقفا على الدعوة إلى الله تعالى وجهاد في سبيله ومن آثاره الخطية ديوانه المبارك الذي ترجم إلى عدة لغات وأعيد طبعه مرات وانتشر في سائر المعمور ولقد ترك أيضا شرحا على الوظيفة المشهورة [بالحفيظة] وشرحا للصلاة المشيشية وكتابا أسماه الطبقات في ذكر من اجتمع بهم من العارفين وعدة رسائل إلا أن شيئا من هذه المؤلفات لم يطبع وذلك لفقدان بعضها أو وجودها عند البعض يضن بها لأنها مخطوطة أو بضياعها بالمرة فرحم الله شيخنا سيدي محمد بن الحبيب ورضي الله عنه وجزاه عن المسلمين خير الجزاء وجعله في أعلى عليين مع عباده الصالحين إنه سميع مجيب وعلى ما يشاء قدير والحمد لله رب العالمين. ولقد خلف رضي الله عنه رجالا في الطريقة قاموا بأمرها من بعده وساروا على نهجه القويم أخص بالذكر العالم العامل والمحدث الفاضل الشيخ سيدي فضول الهواري رحمه الله تعالى. ومنهم أيضا العارف بالله تعالى الشيخ سيدي محمد بلقرشي صاحب زاوية توروك من أشهر خلفائه رضي الله عنه شيخنا وأستاذنا وقدوتنا إلى الله تعالى مجدد الطريقة ومحي رسومها ومظهر أنوارها وأسرارها الشيخ سيدي مولاي هاشم قدس الله سره العزيز وسقانا من كأسه فهو القائم بشؤون الطريقة الحبيبية الدرقاوية الشاذلية و شيخها المربي الحي الحالي فقد أحيا الله تعالى على يديه أمر هذه الطريقة المباركة فجزاه الله عنا وعن جميع المسلمين خيرا وهو ما يزال سائر على سنة شيخه وأشياخ الطريق رضي الله عنهم جميعا من إحياء ليلة المولد النبوي الشريف ونشر مبادئ التصوف الحقيقي المبني على كتاب الله وسنة نبيه الشريف وتلقين الورد لكل راغب في الانتساب إلى هذه الطريقة المباركة المحمدية المشرب والفيض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق